آخر تحديث :الخميس-10 أبريل 2025-09:56ص
تحقيقات

تجميد المساعدات الأمريكية يفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن

تجميد المساعدات الأمريكية يفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن
الخميس - 27 فبراير 2025 - 10:00 م بتوقيت عدن
- باب نيوز - متابعات:

عبداللاه سُميح - إرم نيوز:

وسط تزايد فجوات التمويل الدولي لخطط الاستجابة الأممية، يواجه اليمن شبح اتساع رقعة أزمته الإنسانية "الأسوأ عالميا"، إلى مستويات غير مسبوقة، بعد تعليق الولايات المتحدة مساعداتها الخارجية عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

وإلى جانب قرار تجميد واشنطن مساعداتها الخارجية بشكل عام، لمراجعة سياسات التمويل، الذي تنتهي بموجبه علاقة الوكالة الأمريكية بشركائها في الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في اليمن، يعاني اليمن إجراءات مضاعفة بعد تصنيف إدارة الرئيس دونالد ترامب، ميليشيا الحوثي، جماعة إرهابية أجنبية.

وارتفعت أعداد اليمنيين الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية وخدمات الحماية في عام 2025، إلى 19.5 مليون يمني، بزيادة تقدّر بـ1.3 مليون عن العام الماضي، وسط تصاعد الاحتياج الحاد لـ12.1 مليون شخص منهم، في ظل تعدد فجوات تمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي أعدتها الأمم المتحدة للعام الجاري بما يصل إلى 2.47 مليار دولار، مع تراجع دعم المانحين.

قرار مؤقت

ويعتقد وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي، لدى الحكومة الشرعية في اليمن، منصور زيد، أن قرار وقف المساعدات الأمريكية لليمن "مؤقت، وسيتم مراجعة الأمور، ثم استئناف مساعدات الوكالة الأمريكية، الداعمة القوية للعمليات الإنسانية والتنموية في مختلف القطاعات، وأهمها التعليم والصحة".

وقال زيد في حديث لـ"إرم نيوز"، إن البرامج الإنسانية الأساسية، مثل: توزيع المساعدات الغذائية عبر برنامج الغذاء العالمي، قد عادت إلى عملها في تقديم المساعدة لملايين اليمنيين، في ظل ظروف بالغة التعقيد يشهدها البلد.

وبيّن المسؤول اليمني، أن التوجهات الأمريكية الجديدة، "ستؤثر في عدد من المشاريع المهمة، ضمن اتفاقية التنمية التي تم توقيعها مؤخرًا بين الوكالة الأمريكية والحكومية اليمنية، للفترة 2024 وحتى 2028، بإجمالي 170.95 مليون دولار".

إيجاد البدائل

وبحسب زيد، فإن هذه التأثيرات ستلقي بظلالها على "برامج التنمية الاقتصادية، التي تعزز البناء المؤسسي للمالية العامة والسياسة النقدية في العديد من المؤسسات ذات الصلة، فضلًا عن برامج تمكين المرأة الاقتصادي في عدد من محافظات الجمهورية، ومشاريع بناء القدرات الإدارية لمؤسسات الدولة المركزية والمحلية".

وأضاف أن التداعيات ستطال بعض أنشطة بناء القدرات، كمشاريع تطوير قطاع الأسماك في المحافظات الساحلية، التي يستفيد منها عدد من الصيادين اليمنيين.

وأكد زيد أن مسؤولية إيجاد البدائل لتغطية الفجوة التي سببها قرار إيقاف المساعدات الأمريكية، تقع على عاتق الحكومة اليمنية، من خلال بذل مزيد من الجهود مع الحكومة الأمريكية، لاستئناف مساعداتها وزيادة تدفقها، وتكثيف إجراءاتها بشأن الإصلاحات الحكومية في مكافحة الفساد، من أجل الحصول على ثقة المانحين لتقديم الدعم الإنساني والتنموي.

وخلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري، أبلغت واشنطن، برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، بوقف تمويلها لعشرات المنح التي توفر مساعدات غذائية لسكان عدد من الدول، بينها اليمن، الذي يعتمد نحو 80% من سكانه على المساعدات الخارجية.

وقدمت الوكالة الأمريكية في العام الماضي، منحة مساعدات لليمن، تصل قيمتها الإجمالية إلى 620 مليون دولار، خُصص منها 323 مليون دولار لبرنامج الغذاء العالمي.

خيارات أقل حدّة

ويقول المنسق العام للجنة العليا للإغاثة في اليمن، جمال بلفقيه، إن إجمالي المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة لليمن منذ العام 2015، عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، يصل إلى 6 مليارات دولار، لدعم العمل الإنساني والإغاثي وبعض المشاريع التنموية، خاصة في القطاع الزراعي ومشاريع تأهيل وتدريب الأسر على سبل العيش.

وذكر بلفقيه في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الولايات المتحدة تأتي كثالث أكبر جهة دولية مانحة لليمن، بعد المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، "وبالتالي فإن توقف مساعداتها يعني تمدد الأزمة الإنسانية وتزايد معدلات احتياج اليمنيين للغذاء والدواء، وسيؤدي إلى عواقب كبيرة".

وأكد أن قرار تصنيف ميليشيا الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية، كان موفقًا لفرض مزيد من الحصار على قدرات وموارد الميليشيا، "لكن استمرار إجراءاته التنفيذية بهذا الشكل الذي يشمل جميع اليمنيين بالعقوبات دون تمييز، سيحوّله إلى وبال على المواطنين الذين يعانون ويلات انعدام الأمن الغذائي منذ اندلاع الحرب".

وقال إن بإمكان الأمريكيين اللجوء إلى خيارات أقل حدّة تجاه الشعب اليمني، وذلك عبر انتقال مكاتبهم ومكاتب شركائهم في الأمم المتحدة من صنعاء الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثيين، إلى مناطق نفوذ الحكومة الشرعية، خصوصًا مع توفر نحو 22 منفذًا بريًّا وبحريًّا وجويًّا، التي يمكن من خلالها إيصال المساعدات إلى مختلف مناطق البلاد.

وأشار بلفقيه، إلى أن الحكومة أبدت استعدادها مرارًا لاستقبال هذه المكاتب، وتذليل الصعوبات أمامها وتسهيل عملها، في الوقت الذي تبذل فيه جهودًا لإعادة تشكيل الهيئة العليا للإغاثة بهدف تنظيم العملية الإنسانية والإغاثية في البلاد، بعد قرار التصنيف الأمريكي، بما يضمن تخفيف معاناة اليمنيين.

وفي أبريل/نيسان المنصرم، وقّعت الوكالة الأمريكية، اتفاقًا مع الحكومة اليمنية على تقديم مساعدات إنمائية لمدة 5 أعوام، تشمل برنامج نمو اقتصادي، يهدف إلى "تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي في اليمن، من خلال تحسين السياسة النقدية والمالية وتسهيل التجارة الدولية"، وفقًا لسفارة واشنطن لدى اليمن.

تبعات كبيرة

ويرى الخبير الاقتصادي، ماجد الداعري، أن الوكالة الأمريكية من أكبر الممولين للمشاريع الصغرى التي تعتمد عليها آلاف الأسر اليمنية المعدمة، في تعزيز صمودها بما يلبي الحد الأدنى لبقائها على قيد الحياة.

وقال في حديث لـ"إرم نيوز"، إن توقف هذه الخدمات التي توفرها الوكالة الأمريكية، ومعظم المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، بناء على العقوبات الأمريكية، سيقذف بمن كانوا قادرين على الصمود إلى حافة المجاعة والصراع على البقاء؛ ما سيفاقم المعاناة الإنسانية، ويضاعف حجم الأزمة المعيشية والاقتصادية بشكل عام.

وأضاف أن قرار التصنيف الأمريكي لميليشيا الحوثيين، ستكون له تبعات كبيرة على اليمنيين، أكثر من ضرب الميليشيا التي باتت متمرسة على أدوات التهريب والتخفّي والتحايل في تعاملاتها المالية.

وتمنى الداعري أن تكون هناك استثناءات تتعلق بالجوانب الإنسانية، تتم من خلالها إعادة النظر في قرار وقف المساعدات الإغاثية الغذائية والدوائية، باعتبار المواطن اليمني ضحية لكل الصراعات القائمة.