آخر تحديث :الثلاثاء-15 أبريل 2025-10:44ص

بن حبريش يعيد رسم قواعد اللعبة السياسية لحضرموت

الأحد - 06 أبريل 2025 - الساعة 08:11 م

د. قاسم الهارش
بقلم: د. قاسم الهارش
- ارشيف الكاتب

في توقيت بالغ الدقة، جاء خطاب الشيخ عمرو بن حبريش العليي، رئيس حلف حضرموت، ليحدث صدى سياسياً واسعا، ليس فقط على مستوى حضرموت، بل على امتداد المشهد اليمني بأكمله. لقد حملت كلمته رسالة واضحة وصريحة، مفادها أن حضرموت لم تعد في موقع التابع أو المتفرج، بل باتت اليوم في موقع الفاعل القادر على رسم مسار مستقل في ظل واقع يمني معقد ومفتوح على كل الاحتمالات.

إعلان الحلف، بلسان بن حبريش، وقف التواصل مع أطراف الداخل والتوجه المباشر نحو المملكة العربية السعودية في مناقشة مطالب حضرموت، ليس مجرد تحول في التكتيك، بل هو إعادة تعريف لدور الحلف ككيان سياسي يتجاوز الاصطفافات التقليدية، ويطرح نفسه بوصفه ممثلًا حقيقياً لتطلعات أبناء حضرموت.

الأهم من ذلك، أن رد الرياض، كما كشف عنه بن حبريش، لم يكن سلبياً أو متحفظاً، بل حمل في طياته تفهماً عميقاً واستعدادا للتعاطي الجاد مع ما يطرحه الحلف من رؤى ومطالب. هذا التفاعل الإيجابي، يفتح الباب أمام تحول نوعي في موقع حضرموت على الخارطة السياسية اليمنية، ويمنح الحلف فرصة تاريخية للعب دور محوري في صياغة مستقبل البلاد.

في هذا السياق، جاءت مطالبة بن حبريش بمنح حضرموت وضعا خاصاً كاستحقاق عاجل يفرضه الواقع، لا كجزء من تسوية شاملة مؤجلة. لكنه، وبحكمة سياسية لافتة، ربط هذا المطلب الآني بالإبقاء على مطلب الحكم الذاتي كهدف استراتيجي لا يسقط بالتقادم، بل يطرح بقوة على طاولة أي مفاوضات مستقبلية تتعلق بمصير اليمن.

هنا يظهر الحلف، بقيادة بن حبريش، أكثر تماسكاً ونضجاً من كثير من القوى السياسية الأخرى، خصوصاً حين يقارن المتابع بين هذا الطرح المتزن، والخطابات العاطفية أو الاستعراضية التي لا تحمل مشروعاً واضحاً أو قابلاً للتحقق.

إن ما يميز هذا الخطاب هو قدرته على الجمع بين المصلحة الوطنية لحضرموت، والمصلحة الإقليمية لشركائها، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية. لقد تمكن الحلف من تقديم نفسه كشريك مسؤول، يحسن قراءة الواقع، ويعرف كيف يعبر عن مطالب شعبه بلغة المصالح لا الشعارات.

حضرموت، عبر هذا الحراك السياسي الناضج، لا تبحث عن مكاسب ظرفية، بل تسعى لترسيخ مكانتها كإقليم فاعل ومؤثر، له قراره وإرادته، وله مشروعه الوطني الواضح. وإذا ما واصل الحلف هذا النهج المتزن، وبنى على هذا الزخم الشعبي والسياسي، فإن حضرموت ستكون حاضرة، لا على هامش الأحداث، بل في قلب أي تسوية قادمة.

لقد وضع بن حبريش النقاط على الحروف، وأعاد تموضع الحلف في المشهد السياسي، وأرسل رسالة للجميع الداخل و الخارج بأن حضرموت اليوم ليست كما كانت بالأمس، وأنها قادرة على صناعة قرارها، والدفاع عن مصالحها، والانطلاق نحو مستقبل أكثر عدالة واستقرارا.