آخر تحديث :الثلاثاء-29 أبريل 2025-10:43م

خطوة التكتل الوطني: استباق الفوضى برؤية وطنية

الثلاثاء - 29 أبريل 2025 - الساعة 05:51 م

مازن العسلي
بقلم: مازن العسلي
- ارشيف الكاتب

في زمنٍ مشحونٍ بالدماء والانقسامات، وسط معركةٍ لم تُحسم بعد، اتخذ التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية خطوةً جريئةً وضروريةً بفتح نقاش "اليوم التالي للحوثي".


خطوةٌ قد يراها البعض سابقةً لأوانها، وقد يُقابلها آخرون بشيءٍ من الريبة أو السخرية، لكنها، في حقيقتها، خطوةٌ تستحق التأييد والدعم الكامل، لأنها تنتمي إلى مدرسة الشعوب التي تعلَّمت من مرارات التاريخ، أن انتظار سقوط الخصم دون إعدادٍ للغد، خيانةٌ لآمال الناس، لا نصرةٌ لهم.


لقد أحسن التكتل الوطني حين أدرك أنَّ استعادة الوطن ليست مجرد معركة ميدانية، بل معركة بناءٍ طويل النفس، تبدأ من التخطيط، والتوافق، واستحضار كل عوامل النجاح، لا انتظار النصر العسكري فحسب.


إن التحولات التي يشهدها المشهد العسكري اليوم، مع ضعف الحوثي تحت الضغوط الدولية والإقليمية، تفتح فرصةً ثمينةً لاستعادة اليمن،

ولكن، دون تصورٍ واضحٍ لليوم التالي، قد تتحول هذه الفرصة إلى نقمة، إذا غابت الرؤية الجامعة، وتنازعت القوى الوطنية على السلطة، وترك فراغ الفجر الجديد لتملأه الفوضى.


لهذا، فإن ما يقوم به التكتل الوطني ليس انشغالًا عن الحاضر، بل هو تهيئةٌ للمستقبل، بعقلٍ يدرك أنَّ إدارة الانتصار أصعب من تحقيقه، وأن بناء الدولة أعقد من إسقاط جماعةٍ مسلحة.


كما أن فتح هذا النقاش في العلن، وتحويله إلى قضية رأي عام، خطوةٌ إضافية تستحق الثناء؛ فهي تُعيد للسياسة دورها الحقيقي في حياة الناس، بعد أن حجبها صوت السلاح طويلاً.


نفهم مخاوف الناس، ونقدِّر شكوكهم، ونوقن أن السخرية أحيانًا ليست إلا ستارًا يخفي خوفًا عميقًا من تكرار التجارب المؤلمة، لكن الواجب الوطني كما أراه يقتضي أن نمضي في التخطيط، بشفافيةٍ وعقلانيةٍ، وألّا نترك المستقبل رهينةً للارتجال.


وإن تأييدنا لهذه الخطوة لا يعني التغافل عن أولوية المعركة الجارية، ولا الاستهانة بتضحيات المقاتلين، بل يعني أن نُعطي لكل جبهة حقَّها: جبهة القتال، وجبهة التفكير في السلام والدولة والعدالة.


فالأوطان التي انتصرت، لم تنتصر بالسلاح وحده، بل بالسلاح والعقل معًا، وبالدم والإرادة والخطة المتبصرة التي تُعطي للنصر قيمته الحقيقية.


لهذا، نقولها بوضوح:

نقف مع خطوة التكتل الوطني، ونؤيد هذا النقاش، وندعو إلى أن يكون شفافًا، جامعًا، متحررًا من الحسابات الضيقة، مفتوحًا أمام كل مكونات الوطن، صانعًا لوعدٍ جديدٍ لليمنيين الذين أنهكتهم الحروب وأتعبهم الشتات.


فلا نصر بلا مشروع، ولا مشروع بلا تخطيط، ولا تخطيط بدون شجاعة الرؤية.