عدن، تلك المدينة العريقة التي شهدت أوج عزها على مر العصور، كانت في الماضي مدينة التسامح والتنوع، مركزًا ثقافيًا وتجاريًا، وميناءً يربط بين القارات ويزدهر على وقع التاريخ .
كانت شوارعها مضاءة بنور المستقبل، وسماؤها تحمل وعودًا من السلام والازدهار لكن اليوم، أصبحت تلك المدينة المضيئة تئن تحت وطأة الزمان، فتاريخها الغني يطوى في صفحات من الألم، والحلم الذي كان يسكنها أصبح يئن في طيات الوجع.
اليوم، عدن تواجه ظلامًا طال أرجاءها، ليس فقط ظلام الكهرباء الذي أصبح جزءًا من حياتها اليومية، بل ظلام يحيط بكل جوانب الحياة؛ فالمياه التي كانت تروي الأرض أصبحت شحيحة لا تأتي إلا بعد أيام، والخدمات الأساسية أصبحت كالسراب في مدينة كانت تفخر بها. في شوارعها المحروقة، يتنقل الناس بين أزقة من الأمل اليائس، وفي سمائها لا تلوح أي علامة على حلول قريبة.
العملة المحلية تتهاوى، والدولار يتجاوز الألفين ريال، والسعودي يتجاوز الـ600 ريال، ما يزيد من معاناة الناس الذين يتجهون إلى البحث عن لقمة عيشهم
الحياة في عدن اليوم أصبحت بمثابة اختبار للصبر والإرادة، المواطن هنا أصبح يعيش تحت ضغط لم يكن يتوقعه، والانتظار في طابور طويل للحصول على أبسط احتياجاته أصبح هو الواقع الذي لا مفر منه.
ولكن رغم هذا الظلام الذي يلف المدينة، فإن روح عدن تظل متجددة في قلوب أهلها هذه المدينة التي كانت رمزًا للحياة، وملاذًا للسلام، وشاهدة على العديد من الحقب التاريخية، لا يزال أهلها يتمسكون بالأمل رغم كل شيء. العدنيون، الذين يعرفون كيف يصمدون أمام الزمان، يستمرون في الحلم بمستقبل أفضل، بمستقبل يحيي مجدهم ويعيد لعدن ما فقدته من بريق.
- لكن إلى متى سيظل هذا الحال؟
- متى يعود الأمل؟
- ومتى تعود الحياة كما كانت في تلك الأيام الجميلة؟
- هل نترك هذه المدينة العريقة تذبل تحت وطأة الظروف؟
- أم أن هناك ضوءًا في آخر النفق لا بد أن يسطع يومًا؟
عدن المدينة التي لا تغيب عنها شمس الحرية لن ينتهي أملها ولن يغيب حلمها ولكن الحقيقة القاسية التي نواجهها اليوم هي أن العدنيين لا يملكون وقتًا طويلًا.
هناك الكثير من الأسئلة التي تنتظر الإجابة، وهناك الكثير من القلوب التي تسعى للإجابة على سؤال واحد:
- إلى متى سيظل الصمت يسيطر على أرجاء المدينة؟
- إلى متى سننتظر الحلول؟
وهل هناك من يسمع صوت العدنيين الذين يبحثون عن بارقة أمل في عالم مليء بالظلام؟
اليوم، يعيش أهل عدن في قلوبهم أمل عميق رغم كل المصاعب فعدن لم ولن تُنسى، وستظل في ذاكرة الأجيال القادمة رمزا للصمود، وقصة طويلة من النضال في مواجهة التحديات.
ولكن إذا استمر هذا الحال فقد تخسر عدن الكثير مما كان يميزها
- فهل ستعود يومًا لتكون كما كانت؟
- أم أن مصيرها سيتحول إلى تاريخ طويل من الألم؟
العدنيون يواصلون النضال بقلوب صامدة، وأعينهم تتطلع إلى غدٍ أفضل.